لا تراجع عن غلق الملاهي الليلية

أجمع العديد من الأشخاص من بينهم مسؤولون وأصحاب محلات وأعوان الأمن برياض الفتح بالعاصمة، على استعادة هذا الفضاء شيئا فشيئا المكانة التي كان يحظى بها قبل أن يتم احتلاله من طرف بارونات الملاهي الليلية، وأوضحوا أن ذلك يعود في المقام الأول إلى تطبيق القرار القاضي بغلق تلك الملاهي، حيث تكون السلطات قد أعلنت حربا بلا هوادة على الفساد·· وهي حرب لا رجعة فيها· أكد مدير عام ديوان رياض الفتح السيد فلاحي في اتصال مع “أخبار اليوم”، أنه بعد طي هذا الملف تم تطهير المكان من جميع ما قد تعلق به بسبب مزاولة النوادي الليلية والمراقص لنشاطها، ومن ثمة إعادة توجه العائلات الجزائرية إليه بعد شعورهم بعودة الأمن إلى المكان، ما يدل بشكل ضمني على عدم السماح لمثل هذه الأنشطة بالعمل مجددا· وأوضح أن العمل الآن يتعلق بمراقبة نشاط المطاعم والمحلات، على غرار قرار غلق أحد المطاعم في غابة الأقواس لمدة شهرين من طرف والي ولاية الجزائر، بسبب ارتكابه مخالفة تجارية، وهو ما اعتبره خطوة إيجابية· جرائم ارتُكبت بسبب نشاط ملاهي رياض الفتحوتحدّث أصحاب المحلات وأعوان الأمن الساهرون على سلامة المواطنين التقت بهم “أخبار اليوم”، عن التغير الجذري الذي عرفه رياض الفتح منذ شروع الهيئات المتخصصة في غلق الملاهي الليلية، مشيرين في ذلك إلى الفرق الشاسع بين ما هو عليه الوضع الآن وما كان وقتئذ على جميع الأصعدة والنواحي· ورغم أن أصحاب تلك المحلات أشاروا إلى نقص الأرباح وقلة البيع مقارنة بما كانوا يجنونه خلال تواجد نشاط الملاهي الليلية في المنطقة، إلا أنهم أجمعوا على أن ذلك لا يغني عن لقمة الحلال شيئا، فضلا عما حققوه من نتيجة تطبيق قرار تطهير رياض الفتح، للسلامة على الأرواح والممتلكات، من كل أنواع الاعتداءات التي تخطر على البال، والتي لا يمكن توقّعها أيضا·وفي هذا الصدد، روى لنا أحد البائعين في محل من محلات رياض الفتح، حوادث وجرائم يندى لها الجبين، وقعت بسبب تواجد تلك الملاهي بالمنطقة، بعد أن تحولت إلى مكان يتجمع فيه أشرار الخلق من المسبوقين ومروّجي ومتعاطي المخدرات والأقراص المهلوسة وكذا العاهرات وبنات الليل اللواتي يعملن في المتاجرة بأجسادهن· وذكر محدثنا أنه لم يكن بأي شكل من الأشكال مضيُّ ليلة واحدة دون أن تسجَّل العديد من الجرائم والاعتداءات التي تُرتكب عادة من طرف أشخاص غير واعين بفعل تناولهم للمخدرات والمهلوسات، بينما تكون “الفريسة” أو الضحية من مرتادي الملاهي والحانات بعدما يغادرونها في أوقات متأخرة من الليل· وقال أنهم إما يتعرضون للطعن أو لضربة مطرقة على مؤخرة الرأس، تجعل الضحية يسقط دون حراك، وقد يموت على إثرها أو يفقد الوعي إلى غاية الصباح من أجل “تعريته” من كل ما يحوزه· وأوضح نفس المتحدث أن المعتدين الذين لا يضعون أي حساب لاحتمال دخولهم السجن جراء ارتكابهم لتلك الجرائم، لا يفرّقون ولا يختارون ضحاياهم، إذ كثيرا ما تتعرض العائلات التي تأتي إلى فضاء رياض الفتح لقضاء بعض الأوقات وتناول المثلجات، لا سيما خلال موسم الاصطياف، إلى الاعتداءات والسرقة باستعمال التهديد بالسلاح الأبيض، كما روى لنا تعرّض إحدى المغتربات الجزائريات إلى سرقة كل ما كان لديها من مال ومجوهرات، ولم يشفع لها وجود ابنها الرضيع معها أو أنها لا تقطن في أرض الوطن، الأمر الذي شوّه كل المنطقة في أعين العائلات الجزائرية والسياح كذلك، وجعل منها مقرا لكل ما يخطر على البال من رذائل؛ اغتصابات، سرقات وغيرها، بينما أوضح أن أعوان الأمن أضحوا غير مسيطرين على المنطقة، بل مهدَّدين هم أيضا باحتمال الاعتداء عليهم في حال تدخّلهم أو محاولة إنقاذ من يتعرض للسرقة، على اعتبار أن مركز شرطة واحد كان لا يكفي لضمان أمن المنطقة·من جهته، أشار أحد أعوان الأمن في حديثه مع “أخبار اليوم”، إلى الفرق الشاسع بين العمل الذي كانوا يقومون به خلال الفترة التي تواجدت فيها تلك الملاهي الليلية والوقت الراهن رغم تسجيل بعض الحوادث والاعتداءات من وقت لآخر· كما نوّه بتشويه المنطقة من طرف العاهرات اللواتي يغادرن في الصباح، وهي الظواهر التي اختفت بفضل تطبيق قرار غلق تلك الملاهي الليلية، ومن ثمة إعادة مكانة هذا الفضاء الثقافي من ناحية وتأمين المواطنين الراغبين في قضاء بعض الوقت مع عائلاتهم فيه من ناحية أخرى· حرب بلا هوادة على الفسادويُذكر أن مصالح الأمن كانت قد شرعت في تنفيذ قرار والي ولاية الجزائر بغلق ملاهي ديوان رياض الفتح، البالغ عددها ،14 منها 8 بمركز الفنون، و6 بغابة الأقواس، وهو القرار الذي جاء تنفيذه عقب الانتقادات التي وُجهت لوزارة الثقافة من تحوّل ديوان رياض الفتح، الذي شُيد ليكون قطبا ثقافيا، إلى وكر للملاهي وكل ما يترتب عن هذا من تصرفات·وقالت الوزيرة خليدة تومي وقتئذ أنها بصدد اتخاذ الإجراءات الضرورية لغلق هذه الملاهي، وهو ما تحقق، ليبقى النشاط الوحيد المسموح به هو مزاولة نشاطهم كمطاعم لا أكثـر· وقد تم تنفيذ القرار على مستوى ثمانية ملاه متواجدة على مستوى مركز الفنون، و6 بغابة الأقواس من خلال إلصاق قرارات الغلق على أبواب الملاهي، بينما تناقلت الأخبار أن اجتماعا ضم أصحاب الملاهي الأربعة عشر في أحدها، تقرر خلاله الاتفاق على تفويض محام لدراسة السبل القانونية للرد على هذا القرار، كما اتفق أصحاب الملاهي على تحرير ونشر رسالة مفتوحة· وبينما اعترفت وزيرة الثقافة خليدة تومي حينها بوجود بارونات ومافيا على مستوى الديوان الوطني رياض الفتح، يستغلون فتيات قاصرات للعمل في ملاهٍ ليلية تشهد مختلف أنواع الانحرافات وتمس بحرمة المرفق الثقافي وبحقوق الطفولة، كما تخل بالنظام العام ليلا، وكذا بالعمل الذي يقوم به مسؤولون نافذون، من خلال توفير الحماية لأصحاب الملاهي الليلية، استطاعوا في كل مرة إلغاء القرارات الوزارية الصارمة التي تقضي بغلقها بعد لجوئهم إلى القضاء الاستعجالي، الذي حكم لصالحهم على اعتبار أن العقود التي بحوزتهم لا يمكن إلغاؤها بقرار وزاري، وهو ما يفسر فشل كل هذه المساعي لغلق ملاهي رياض الفتح، ومن ثمة أوضحت تومي أن وزارة الثقافة بالتنسيق مع ولاية الجزائر، ستعمل على غلق هذه الملاهي، استنادا على المرسوم التنفيذي الصادر في ،2005 والذي يحدد شروط استغلال هذه المرافق، حيث أشارت إلى أن لا واحد من هذه الملاهي يملك رخصة ،2005 وهو ما يسهّل غلقها بشكل قانوني· وبالموازاة مع ذلك، يُذكر أن عملية منح التراخيص لتحويل المطاعم المتواجدة بالديوان الوطني لرياض الفتح إلى ملاهٍ ليلية، بدأت في ،1997 وأن هذا الانزلاق جاء بحجة تعويض أصحاب المطاعم عن الخسائر التي ذكروا أنهم تعرضوا لها بسبب تراجع أرباحهم، نظرا للأوضاع الأمنية التي كانت تمر بها البلاد آنذاك· وقامت الإدارة بمنح هؤلاء رخصة النشاط رقم ،4 التي تسمح لهم بتنظيم الحفلات الراقصة· وفي هذا الشأن، وضعت وزارة الثقافة تعليمات صارمة لإعادة هذا المرفق الثقافي إلى طبيعته الأصلية، ولكن اعترضتنا إجراءات قانونية لامتلاك أصحاب الملاهي عقودا لا يمكن إلغاؤها إلا بحكم قضائي· كما كان لولاية الجزائر دور في ذلك عندما تحركت في 2007 لسحب رخصة نشاط أحد الملاهي، ولكن قاضي الاستعجال ألغى هذا القرار، ليتم رفع القضية إلى المجلس الأعلى للدولة·

شكرا جزيلا

:sqfqfqsdf: