الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الغاية العظمى من أحاديث السنة النبوية العمل بها وتطبيقها، ولا يكون ذلك إلا بعد فهمها والغور في معانيها، واستخراج ما هو أغلى من اللؤلؤ والمرجان، وقد سبق إلى ذلك سلفُنا الصالح، فكانت رسائلُ ابن رجب الحنبلي رحمه الله خيرَ شاهد على إفراد كل حديث من أحاديث السنة بالدراسة، خاصة في جانب فوائده التربوية الإيمانية، فأحببت أن أسير على منهجه في دراسة الحديث من حيث الفوائد المستنبطة، ويكفيني أن أحاكي القوم وأتشبه بهم في الطريقة، وقد اخترت حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما"، واختياري يرجع إلى عدة أمور:
1- لصحته، فقد رواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، برقم (2577).
2- لأنه حديث قدسي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى.
3- لأنه يجمع فقرات عدة، وهذا مظنة لكثرة الفوائد.
4- لتداوله على ألسنة الخطباء والوعاظ وغالب الناس اليوم.
5- سهولة ألفاظه التي سهلت حفظه.
وقد جعلت منهجي في استنباط فوائد هذا الحديث أن أقسم الحديث إلى أجزاء، ثم أستنبط من كل جزء ما فتح الله به علي من الفوائد، وقد يوجد في بعض الفوائد شيء من التداخل إلا أن ذلك لازم لمن أراد أن يحلل ألفاظ الحديث، ويدقق في الفوائد المستنبطة، ويقتنص الوقفات التربوية، والآن إلى نص الحديث، ثم إلى الفوائد المستنبطة منه.
نص الحديث:
عن أبي ذَرٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عن اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قال: يا عِبَادِي إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا من هَدَيْتُهُ فاستهدوني أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا من أَطْعَمْتُهُ فاستطعموني أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا من كَسَوْتُهُ فاستكسوني أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعًا فاستغفروني أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ما زَادَ ذلك في مُلْكِي شيئا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ما نَقَصَ ذلك من مُلْكِي شيئا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يا عِبَادِي إنما هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ".
فوائد الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا"، فيه فوائد كثيرة ومنها:
الفائدة الأولى:
دل الحديث على أن الله يتكلم سبحانه وتعالى كما يشاء، كلامًا يليق بجلاله وعظمته، كما هو منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، كما أن لفظ الحديث يرد على كل من نفى صفة الكلام عن الله متأولاً أو غير متأول، وذلك لصراحة قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله".
الفائدة الثانية:
في الحديث مناداة الله لعباده، وهذا من رحمته بهم، وأنه أقرب لهم، وهذا مما يبعث السكينة في قلوب عباده المؤمنين.
الفائدة الثالثة:
دل الحديث على أن جميع الخلق عباد الله شرعًا وقدرًا، أما المؤمنون فهم عباد الله الذين استجابوا لأمره، وأما الكفار فهم مخاطبون أيضا بهذا الحديث لدخولهم تحت العبودية لله قهرًا.
الفائدة الرابعة:
الحديث يدل على لطف الله بعباده، حيث بدأهم بالمناداة من غير سؤال منهم وبهذا يفرح المؤمنون.
الفائدة الخامسة:
دل على أن صفة العبودية تشريف؛ لأن مقتضى الخطاب أن يختار المنادي أحب الأسماء للسامع فيناديه بها، فالله اختار صفة "يا عبادي" مما يدل على أن من دخل من العباد تحت هذه الصفة؛ فقد شَرُف غاية الشرف، فإن العبودية لله تقتضي الخلاص مما سواه.
الفائدة السادسة:
تقديم النداء "يا عبادي" دليل على أهمية ما بعده، فإن هذا المقصود من النداء، ولهذا فإن المؤمن يصغي سمعه لما يقال بعد النداء، خاصة إذا كان من ربه، كما في الحديث.
الفائدة السابعة:
دل الحديث بلفظه الصريح على تحريم الظلم مطلقا، وذلك من عدة أوجه:
أ- حرف التوكيد "إن".
ب- ضمير المتكلم "الياء" في قوله "إني".
ج- لفظ التحريم في قوله "حرمت" وهو يفيد المنع أكثر من أي صيغة أخرى.
د- "أل" الجنسية في قوله "الظلم" التي تفيد الاستغراق، فيشمل جميع أنواع الظلم.
هـ- تكرار لفظي "التحريم والظلم" في قوله: "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"، فنلاحظ تكرار "حرمت ومحرما" وقوله: "الظلم فلا تظالموا"، ولا شك بأن هذا التكرار يفيد المنع بصورة أكبر.
و- ختم الجملة الأولى من الحديث بقوله: "فلا تظالموا" مع أن المعنى المراد فُهم مما سبقها في قوله "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما".
فإن المعنى قد تم عند قوله "محرما" لكنه أعاد المعنى المراد مرة أخرى بقوله: "فلا تظالموا"، وهذا أيضا يفيد المنع قوة.
الفائدة الثامنة:
دل الحديث أن الله هو المشرع المُحِل المُحرِّم، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فإن قوله: "إني حرمت الظلم على نفسي" تدل على تحريم الله لما يشاء وبالمقابل تحليله لما يشاء.
الفائدة التاسعة:
يؤخذ من الحديث أن من صيغ العزيمة على الطلب أو الترك أن يخبر الواحد عن نفسه، ويبدأ قبل غيره، ولهذا فإن الله أخبر عن نفسه فال: "إني حرمت الظلم على نفسي".
فمن أراد أن يأمر أمرًا، أو ينهى عنه فليبدأ بنفسه قولا وعملا، فإن ذلك أشد وقعًا.
الفائدة العاشرة:
فيه إثبات النفس لله سبحانه وتعالى.
الفائدة الحادية عشرة:
دل على عدم التلازم بين ما يحرمه الله على نفسه وما يحرمه علينا، فقد:
أ- يحرم على نفسه أمرًا ويحرمه أيضًا علينا كالظلم في هذا الحديث.
ب- يحرم على نفسه أمرًا ولا يحرمه علينا كجميع النقائص من السنة والنوم وغيرها.
ج- يبيح لنفسه أمرًا ويحرمه علينا كالكبر في حقه سبحانه وتعالى.
والظلم من النوع الأول، ولهذا قال: "وجعلته بينكم محرما" مما يدل على أن هناك أمورًا حرمها على نفسه لم يحرمها علينا، والله أعلم.
الفائدة الثانية عشرة:
قوله: "فلا تظالموا" يحتمل معنيين:
أ- النهي عن البدء بالظلم، أي أن يبدأ الإنسان أخاه بالظلم.
ب- النهي عن الرد والانتقام بالظلم، أي أن ينتقم الإنسان لنفسه بظلم غيره.
وكلا المعنيين مراد في الحديث، فالظلم منهي عنه ابتداء واستدامة.
الفائدة الثالثة عشرة:
يفهم من الحديث تحريم إنكار المنكر عن طريق ظلم صاحبه، ولا يسوغ لنا المنكر الذي يمارسه صاحبه أن نتعدى حدود الشرع فيه فنقع بالظلم.
الفائدة الرابعة عشرة:
دل الحديث على أن الظلم لا مصلحة فيه البتة، ولهذا مُنع وحُرم تحريما مطلقا.
الفائدة الخامسة عشرة:
قوله: "وجعلته بينكم محرمًا" يفيد أن الإنسان عليه الاستسلام لحكم الله، فلا يقدر على تبديله أو تغييره، وهذا كما أنه في الظلم فكذلك في سائر أحكام الله التي جعلها بيننا.
الفائدة السادسة عشرة:
دل الحديث على أن الظلم لن يقع منه سبحانه وتعالى أبدًا، ولهذا لم يعد صيغة التحريم على نفسه كما أعادها في حق الناس.
فقد قال في حق الناس: "وجعلته بينكم محرما" ثم أعاد التحريم مرة أخرى فقال: "فلا تظالموا"، أما في حق نفسه سبحانه وتعالى فقال: "إني حرمت الظلم على نفسي"، ولم يقل: فلن أظلم، مما يدل على أنه لن يظلم أبدًا فإنه إذا حرم شيئًا فلن يفعله، بخلاف الناس فقد يحرم الله عليهم أمرًا فيفعلونه، فاقتضى أن تتكرر صيغة المنع في حقهم فقط.
الفائدة السابعة عشرة:
لفظ الحديث في تحريم الظلم يؤيد مذهب أهل السنة والجماعة في معنى الظلم الذي حرمه الله على نفسه، وهو: أن الله قادر على الظلم لكنه حرمه على نفسه؛ والتحريم والمنع يكون للشيء المقدور عليه، أما المستحيل والممتنع فغير مقدور عليه أصلا حتى تمنع منه النفس.
الفائدة الثامنة عشرة:
الحديث رد على أصحاب وحدة الوجود؛ لأن الحديث أثبت أن هناك ربًّا يحرم، وهناك عبادًا حُرم عليهم أيضًا الظلم، فهما شيئان مختلفان رب وعبد.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم" فيها فوائد، منها:
الفائدة التاسعة عشرة:
تكرار النداء في قوله: "يا عبادي" فيه زيادة عناية بعباده ورأفة ورحمة وشفقة عليهم، حيث تكرر النداء في الحديث تسع مرات، وهو أمر يوحي لك بالمبالغة في ذلك.
الفائدة العشرون:
قدم في الحديث الضلالة والهدى على الجوع والطعام، والعري واللباس، فقال: "كلكم ضال إلا من هديته" قبل قوله: "كلكم جائع" وقوله: "كلكم عار" ذلك من باب تقديم الأهم، فالضلال أشد خطرًا من الجوع والعري، والهداية أتم من الطعام واللباس.
وهذا يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأن ندرك خطر الضلال أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري.
الفائدة الحادية والعشرون:
دل الحديث على أن كل من لم يهده الله فهو ضال، ولهذا قال: "كلكم ضال" فلم يستثن من ذلك أحدًا.
الفائدة الثانية والعشرون:
دل الحديث بصريح لفظه أن الله هو الهادي المضل، وهذا من كماله سبحانه وتعالى.
الفائدة الثالثة والعشرون:
دل الحديث على أن الهداية بيد الله لقوله: "إلا من هديته" فمنه تطلب، وبه يستعان للحصول عليها، فعلى من طلبها أن يلتجئ لمالكها ويستجديه ويلح عليه، فإنها فضل منه سبحانه ومنّة.
الفائدة الرابعة والعشرون:
دل على عدم الاعتماد على النفس، وعدم الوثوق بالصفات الشخصية في تحصيل الهداية لأنها بيد الله يؤتيها الله من يشاء، ولهذا أسند الله الهداية إلى نفسه فقط فقال: "فاستهدوني أهدكم"، فلا يغتر الإنسان بما لديه من قدرات وذكاء، بل إنك تجد في الواقع المرير من هو مفرط في الذكاء بعيد عن الهداية، والأمر بيد الله وحده.
الفائدة الخامسة والعشرون:
قوله: "فاستهدوني أهدكم" ومثله "فاستطعموني أطعمكم" و"فاستكسوني أكسكم" كلها تفسير عملي لقولنا: "لا حول ولا قوة إلا بالله " الذي يدل على أن الإنسان لا تحول له، ولا قوة على التحول إلا بإعانة الله له، ومن ذلك هدايته والضروريات من حياته كطعامه ولباسه، وهذا يبين لنا ضرورة الارتباط بين المؤمن والحوقلة من خلال أمثلة الحديث المذكور.
الفائدة السادسة والعشرون:
دل قوله: "كلكم ضال" وقوله: "كلكم جائع" وقوله: "كلكم عار" على تساوي الخلق عند الله، وأن التفاضل بينهم يكون على الأعمال التي يعملونها.
الفائدة السابعة والعشرون:
يدل قوله: "فاستهدوني أهدكم" على تفاوت الناس في الهداية بناء على طلبهم إياها من الله، وعلى ما يعطيهم الله منها، فليسع الإنسان إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من الهداية، خاصة وأن طريق طلبها واضح هو طلبها من الله.
الفائدة الثامنة والعشرون:
دل على إثبات منهج أهل السنة والجماعة في قولهم: إن الإيمان يزيد وينقص، فإن الهداية تزيد وتنقص كما دل عليه هذا الحديث.
الفائدة التاسعة والعشرون:
في هذا الجزء من الحديث فتح لباب التنافس في دروب الخير والأعمال الصالحة؛ فإن قوله: "فاستهدوني أهدكم" تفتح باب طلب الهداية، فمن شاء فليوسع ومن شاء فليقصر، وكذلك بقية الأعمال التي هي تطبيق عملي لهداية الله للإنسان، فترى المجتمع يتفنن في تحصيل أنواع الأعمال الصالحات.
الفائدة الثلاثون:
هذا الجزء من الحديث "كلكم ضال إلا من هديته" يعطينا تصورًا حقيقيا عن معشر البشر الذين نخالطهم، فهم ضُلال إلا من هداه الله، وجوعى إن لم يطعمهم الله، وعراة إن لم يكسهم الله، وهذا التصور يفيد في معرفة التعامل مع الناس، ويحدد لنا مقدار اعتمادنا عليهم في تحصيل المراد، كما يورث فينا العزة ونحن نتعامل مع قوم لا يملكون لأنفسهم طعامًا وكساء فضلا لغيرهم، فتجد المؤمن على هذا يعاملهم ويعرف قدرهم خوفا ورجاء.
الفائدة الحادية والثلاثون:
في قوله: "إلا من هديته" بيان لفضل الرسل الكرام عليهم السلام؛ لأن الله هدى بهم الناس، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، فعلى أيديهم كانت هداية الناس، فكم لهم من الفضل علينا بعد الله، ونحن لا ندرك ذلك حقيقة الإدراك، فصل اللهم وسلم عليهم جميعا.
الفائدة الثانية والثلاثون:
يدل الحديث على حاجة الإنسان إلى الهداية في كل لحظة من لحظات حياته؛ لأن قوله: "كلكم ضال إلا من هديته" يفيد العموم في كل أوقات الإنسان، فهو ضال محتاج لهداية ربه، وهذا يفيد تعلق المؤمن بربه دائمًا، وهو سبحانه وتعالى أولى به.
الفائدة الثالثة والثلاثون:
الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال: "فاستهدوني أهدكم" فهذا أمر ووعد، فلا عذر بعد ذلك للبطال.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم"، وهذا فيه من الفوائد ما يلي:
الفائدة الرابعة والثلاثون:
دل هذا الجزء من الحديث أن الإنسان ضال حتى عن أمور معاشه وملبسه إن لم يهده الله إليها وييسرها له، وهذا يبين عظم فاقة الإنسان لربه.
الفائدة الخامسة والثلاثون:
يربي الحديث افتقار المؤمن لربه حتى في طعامه وشرابه وملبسه، فالإنسان جائع عارٍ إن لم يطعمه الله ويكسه.
الفائدة السادسة والثلاثون:
دل الحديث بصريح عبارته أن الرزق من عند الله، فعلام يحزن الإنسان إن فاته نصيبه؟!
الفائدة السابعة والثلاثون:
الحديث يشعر بأن الله يقسم الأرزاق بين عباده، فيطعم هذا ويحرم هذا، ويكسو بعض العباد ويعري آخرين، والمؤمن إن علم ذلك خرج من قلبه الحسد، فعلام الحسد على شيء ليس للعبد فيه تصرف، وإنما المتصرف الله سبحانه وتعالى، وبهذا أيضًا يزيد اليقين في قلبه برزق الله.
الفائدة الثامنة والثلاثون:
في الحديث إظهار لمنَّة الله سبحانه وتعالى على خلقه في هدايته لهم وإطعامهم وكسوتهم، وهذه المنَّة لا حدود لها، ويجب أن تقابل بالشكر.
الفائدة التاسعة والثلاثون:
يربي الحديث المؤمن على التفكر في حياة نفسه، من طعامه وشرابه ولباسه، وهذا من أعظم الأشغال التي ينبغي أن ينشغل بها المسلم.
الفائدة الأربعون:
التفكر في معاني الحديث يطرد العجب والكبر من قلب المؤمن، فإذا كان لا يستطيع أن ينفع نفسه في أهم ضرورياته من الأكل واللباس فبماذا يفخر ويعجب؟
الفائدة الحادية والأربعون:
نص الحديث على الطعام في قوله: "كلكم جائع إلا من أطعمته" ولم يذكر الشراب لأنه داخل في معنى الطعام، فذكر أحدهما يغني عن الآخر.
الفائدة الثانية والأربعون:
قُدم الطعام على الكساء في الحديث من باب تقديم الأهم بالنسبة للخلق، فالإنسان يصبر على العري إلا أنه يشق عليه الصبر على الجوع، فتناسق الحديث حسب اهتماماتنا.
الفائدة الثالثة والأربعون:
دل هذا الجزء من الحديث على أن الله هو المطعم والكاسي سبحانه وتعالى، فكل طعام أو كساء رُزقه العبد فهو من ربه فليحمده عليه
عسى ان تعم الفائدة